في عام 2014، هزّ اكتشاف كوكب Kepler-186f المجتمع العلمي، حيث كان أول كوكب بحجم الأرض يُكتشف في "المنطقة الصالحة للحياة" لنجم آخر. هذا العالم الخارجي، الذي يدور حول نجم قزم أحمر على بعد حوالي 492 سنة ضوئية من الأرض، فتح الباب لتساؤلات وجود الحياة خارج كوكبنا.
في هذا المقال، سنغوص في تفاصيل هذا الكوكب الغامض، وندرس خصائصه الفيزيائية والفلكية، أهميته في علم الفلك، واحتمالات وجود حياة عليه، كل ذلك بلغة علمية دقيقة ومبسطة في آنٍ واحد.
ما هو Kepler-186f؟
Kepler-186f هو كوكب خارج المجموعة الشمسية تم اكتشافه عن طريق تلسكوب كبلر الفضائي التابع لوكالة ناسا. وهو يدور حول نجم يُسمى Kepler-186، وهو نجم قزم من النوع M، أصغر وأبرد من شمسنا.
يُعتبر هذا الكوكب الأول من نوعه الذي:
-
يقترب في الحجم من الأرض (1.1 مرة قطر الأرض)
-
يقع ضمن المنطقة الصالحة للحياة (habitable zone)
-
قد يمتلك سطحًا صخريًا، ما يجعله مرشحًا ممتازًا لاحتضان الماء السائل
الخصائص الفيزيائية والفلكية
| الخاصية | القيمة التقريبية |
|---|---|
| القطر | 1.1 × قطر الأرض |
| الكتلة | غير مؤكدة تمامًا، يُعتقد أنها قريبة من الأرض |
| المسافة عن الأرض | 492 سنة ضوئية |
| السنة (مدة الدورة حول النجم) | 130 يومًا أرضيًا |
| النجم المضيف | Kepler-186 (قزم أحمر من النوع M1) |
| درجة الحرارة المحتملة | أبرد من الأرض بقليل |
| الموقع | كوكبة الدجاجة (Cygnus) |
أهمية "المنطقة الصالحة للحياة"
المنطقة الصالحة للحياة هي تلك المنطقة حول النجم حيث تكون درجات الحرارة مناسبة لوجود الماء السائل على سطح الكوكب.
وبما أن الماء ضروري للحياة كما نعرفها، فإن وجود كوكب بحجم الأرض في هذه المنطقة يُثير اهتمام الباحثين في علوم الكواكب والبيولوجيا الفلكية.
Kepler-186f يقع على الحافة الخارجية لهذه المنطقة، مما يعني أنه قد يكون بارداً نسبياً، لكنه لا يزال ضمن الحد الأدنى الذي يسمح بوجود الماء إذا كانت هناك غلاف جوي مناسب.
هل Kepler-186f صالح للحياة؟
حتى الآن، لا توجد أدلة مباشرة على وجود حياة على Kepler-186f، ولكن بعض العوامل تجعله من أهم المرشحين لدراسات الحياة خارج الأرض:
1. الحجم المناسب
كونه قريبًا جدًا من حجم الأرض (فارق 10% فقط)، يزيد من احتمال امتلاكه سطحًا صلبًا وغلافًا جويًا.
2. الموقع المداري
وجوده داخل المنطقة الصالحة للحياة يعطي فرصة لوجود مياه سائلة، وهو عامل أساسي لظهور الحياة.
3. نوع النجم المضيف
رغم أن الأقزام الحمراء مثل Kepler-186 أقل حرارة من الشمس، إلا أنها تعيش لمليارات السنين، مما يُتيح وقتًا طويلًا لظهور الحياة.
لكن من جهة أخرى، هذه النجوم تكون نشطة مغناطيسيًا في شبابها، وقد تطلق توهجات تؤثر على الغلاف الجوي للكواكب القريبة.
4. التركيب المحتمل
دراسات النمذجة تشير إلى أن Kepler-186f يحتمل أن يكون كوكبًا صخريًا، أي أنه مشابه للأرض والمريخ، وليس كوكبًا غازيًا مثل نبتون أو المشتري.
هل يمكن العيش عليه يومًا ما؟
العيش على Kepler-186f ليس ممكنًا في المستقبل القريب بسبب بعده الهائل عن الأرض (492 سنة ضوئية).
حتى لو امتلك الكوكب غلافًا جويًا وبيئة مناسبة، فإن إرسال مركبة فضائية إليه باستخدام التقنية الحالية سيستغرق عشرات الآلاف من السنين.
ومع ذلك، يبقى Kepler-186f رمزًا للأمل في وجود عوالم أخرى قد تكون مأهولة، أو على الأقل صالحة للاستيطان في المستقبل البعيد جدًا.
المقارنة مع الأرض
| العنصر | الأرض | Kepler-186f |
|---|---|---|
| الحجم | 1× | 1.1× |
| الموقع المداري | 1 وحدة فلكية | 0.36 وحدة فلكية |
| طول السنة | 365 يوم | 130 يوم |
| نوع النجم | G2 (الشمس) | M1 (قزم أحمر) |
| درجة الحرارة | معتدلة | أقل من الأرض بقليل (متجمّدة قليلاً) |
كيف تم اكتشافه؟
تم اكتشاف Kepler-186f عبر طريقة العبور (Transit Method)، حيث يُلاحظ تلسكوب كبلر انخفاضًا في ضوء النجم المضيف عند مرور الكوكب أمامه.
بعد جمع وتحليل البيانات، تأكد وجود الكوكب في عام 2014، ضمن نظام يحتوي على 5 كواكب، لكن Kepler-186f هو الوحيد منها الذي يقع في المنطقة الصالحة للحياة.
الأثر العلمي للاكتشاف
اكتشاف Kepler-186f غيّر مفهومنا عن ندرة الكواكب الشبيهة بالأرض.
قبل هذا الاكتشاف، لم يكن واضحًا إن كانت الكواكب الأرضية شائعة في مناطق الحياة حول نجوم أخرى، لكن الآن أصبح يُعتقد أن:
-
حوالي 20% من الأقزام الحمراء قد تمتلك كواكب صالحة للحياة
-
هناك مليارات الكواكب التي تُشبه الأرض فقط في مجرتنا "درب التبانة"
هذا الاكتشاف مهّد الطريق لمهام مستقبلية مثل:
-
تلسكوب جيمس ويب (JWST)
-
تلسكوب بلانيت هانترز
-
TESS وPLATO
والتي ستتمكن من رصد الغلاف الجوي لهذه الكواكب وربما كشف إشارات للحياة.
الخاتمة
كوكب Kepler-186f ليس مجرد اكتشاف فلكي عادي، بل هو خطوة كبيرة في بحث البشرية عن الحياة خارج الأرض.
رغم المسافة الشاسعة التي تفصلنا عنه، إلا أن وجوده يُلهم العلماء ويُعزز احتمالية وجود عوالم شبيهة بالأرض في أعماق الكون.
قد لا نصل إليه قريبًا، لكنّه جعلنا ندرك أننا لسنا وحدنا في هذا الكون الشاسع.
الكلمات المفتاحية
Kepler-186f، كوكب Kepler-186f، كواكب شبيهة بالأرض، كواكب صالحة للحياة، كواكب خارج المجموعة الشمسية، المنطقة الصالحة للحياة، الحياة خارج الأرض، تلسكوب كبلر، الكواكب الخارجية، أقزام حمراء، نجم Kepler-186، البحث عن الحياة في الفضاء، كواكب صخرية، الفضاء العميق، اكتشاف الكواكب.
المصادر
-
NASA: https://www.nasa.gov/mission_pages/kepler/news/kepler-186f
-
Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics
-
Nature Journal – Kepler-186f Discovery Paper
-
Exoplanet Archive – Caltech
-
ESA – Exoplanet Missions Overview