كوكب عطارد هو أول كوكب في ترتيب الكواكب حول الشمس، وأصغرها حجماً. ورغم قربه الشديد من الشمس، فإن المعلومات عنه كانت محدودة لسنوات طويلة بسبب صعوبة رصده. لكن مع التقدم التكنولوجي والبعثات الفضائية، بدأ العلماء في كشف أسرار هذا الكوكب الصغير والمثير للاهتمام.
في هذا المقال، نستعرض خصائص كوكب عطارد، تاريخه الجيولوجي، معلومات عن الغلاف الجوي، درجات الحرارة، والبعثات الفضائية التي وصلت إليه، بالإضافة إلى أسباب اهتمام العلماء به.
أصل الاسم
في الثقافة العربية، يُطلق على الكوكب اسم "عطارد"، ويُشتق من "طرَدَ" أي "أسرع"، لأنه يتحرك بسرعة عالية في السماء. أما في اللاتينية، فهو يُعرف باسم Mercury، إله السرعة والرسائل عند الرومان، ويعكس ذلك سرعة دورانه حول الشمس.
الخصائص العامة لكوكب عطارد
العنصر القيمة القطر 4,879 كم المسافة من الشمس حوالي 58 مليون كم اليوم الواحد (دوران حول نفسه) 58.6 يومًا أرضيًا السنة (الدوران حول الشمس) 88 يومًا أرضيًا الجاذبية 3.7 م/ث² (حوالي 38% من الأرض) الأقمار لا يمتلك أي قمر
| العنصر | القيمة |
|---|---|
| القطر | 4,879 كم |
| المسافة من الشمس | حوالي 58 مليون كم |
| اليوم الواحد (دوران حول نفسه) | 58.6 يومًا أرضيًا |
| السنة (الدوران حول الشمس) | 88 يومًا أرضيًا |
| الجاذبية | 3.7 م/ث² (حوالي 38% من الأرض) |
| الأقمار | لا يمتلك أي قمر |
سطح عطارد: منجم للدهشة
رغم صغر حجمه، فإن سطح عطارد غني بالتفاصيل الجيولوجية. يُشبه سطح القمر من حيث الامتلاء بالفوهات الناتجة عن اصطدامات نيزكية، وبعض ملامحه تشمل:
-
الفوهات العملاقة: مثل فوهة Caloris Basin التي يبلغ قطرها 1,550 كم.
-
المرتفعات والهضاب: مناطق مرتفعة شبيهة بمرتفعات القمر.
-
المنحدرات الضخمة: يبلغ طول بعضها مئات الكيلومترات، ويُعتقد أنها نتيجة تقلص الكوكب مع مرور الزمن.
-
السهول البركانية: تشير إلى نشاط جيولوجي قديم.
هذه المعالم تكشف أن عطارد مرّ بمراحل تطورية معقدة رغم عدم وجود نشاط بركاني حالي ظاهر.
درجات الحرارة القصوى
عطارد يمتلك تباينًا حراريًا هو الأعلى بين كواكب المجموعة الشمسية:
-
درجة الحرارة في النهار: تصل إلى 430°C.
-
درجة الحرارة في الليل: تنخفض إلى -180°C.
والسبب في هذا التفاوت هو أن عطارد لا يمتلك غلافًا جويًا فعّالاً لتنظيم الحرارة.
الغلاف الجوي لعطارد
عطارد لا يمتلك غلافًا جويًا كثيفًا، بل يمتلك ما يُسمى بـ "الإكسوسفير"، وهو غلاف غازي رقيق جدًا يتكون من:
-
ذرات الهيليوم
-
الأكسجين
-
الصوديوم
-
الكالسيوم
-
البوتاسيوم
هذا الغلاف لا يمكنه دعم الحياة أو تعديل حرارة السطح، لذلك يظل الكوكب عرضة لتقلبات حرارية حادة.
الحقل المغناطيسي
رغم صغر حجم عطارد، فإنه يمتلك مجالاً مغناطيسيًا حقيقيًا، يُعادل حوالي 1% من قوة المجال المغناطيسي الأرضي.
ويُعتقد أن هذا المجال مرتبط بوجود نواة معدنية سائلة ضخمة تشكل حوالي 85% من نصف قطر الكوكب.
هذا الاكتشاف كان مفاجئًا للعلماء، لأنهم توقعوا أن عطارد فقد نشاطه الداخلي منذ فترة طويلة.
التاريخ الجيولوجي والتكويني
تشير الدراسات إلى أن عطارد قد تكوّن منذ حوالي 4.5 مليار سنة، وهو تقريبًا نفس عمر الأرض. يُعتقد أن الكوكب مرّ باصطدامات كبيرة تسببت في فقدان جزء كبير من قشرته الخارجية، ما جعله يحتوي على نواة معدنية ضخمة نسبيًا مقارنة بحجمه الكلي.
هذه الفرضية تُدعى بـ "نموذج الاصطدام العملاق"، وهي أيضًا تُستخدم لتفسير تكوين القمر حول الأرض.
بعثات استكشافية إلى عطارد
1. مارينر 10 (Mariner 10) – ناسا
أُطلقت عام 1973 وكانت أول مركبة تصل إلى عطارد. قامت بثلاث تحليقات قريبة، وصورت حوالي 45% من سطحه.
2. ميسنجر (MESSENGER) – ناسا
أطلقت عام 2004 ودخلت مدار عطارد في 2011. قدمت معلومات مفصلة عن:
-
تركيبة السطح
-
البنية الداخلية
-
المجال المغناطيسي
-
وجود الماء المتجمد في الفوهات المظللة قرب القطبين
3. بيبي كولومبو (BepiColombo) – مشروع مشترك بين ESA وJAXA
أُطلقت عام 2018، ومن المتوقع أن تصل إلى مدار عطارد في عام 2025. تحمل أدوات متطورة لدراسة الكوكب بدقة غير مسبوقة.
اكتشافات حديثة مثيرة
-
جليد مائي في عطارد؟
رغم درجات الحرارة المرتفعة، اكتشف العلماء وجود مياه متجمدة في الفوهات العميقة عند القطبين، والتي تبقى مظللة بشكل دائم. يُعتقد أن هذه المياه مصدرها المذنبات أو البراكين القديمة. -
النشاط التكتوني
اكتُشفت بعض الأدلة على أن عطارد قد يكون لا يزال نشطًا جيولوجيًا بدرجة محدودة، مما يعني أن الكوكب لم "يمُت" بالكامل من الداخل.
لماذا نهتم بعطارد؟
رغم صعوبة استكشافه، فإن عطارد يقدم معلومات مهمة حول:
-
تشكل الكواكب الصخرية
-
تطور الكواكب القريبة من النجوم
-
تأثير الشمس في الفضاء القريب منها
-
استقرار الحقول المغناطيسية في الكواكب الصغيرة
كما يساعدنا في مقارنة الأرض بكواكب أخرى لا تملك غلافًا جويًا أو ماءً، مما يفتح آفاقًا لفهم بيئة كوكبنا بشكل أفضل.
الخاتمة
كوكب عطارد، رغم صغر حجمه وبعده عن عدسات التلسكوبات، يُعتبر مختبراً فريداً لفهم نشأة وتطور الكواكب. باحتوائه على سطح مليء بالأسرار، ونواة نشطة، ومجال مغناطيسي غامض، وماء متجمد، فإنه يقدم ألغازًا تثير فضول العلماء، وتدفع وكالات الفضاء للمزيد من الاكتشافات. ربما يكون عطارد صامتًا في السماء، لكنه يتحدث بصوت علميٍ عالٍ من خلال البيانات.
الكلمات المفتاحية
عطارد، كوكب عطارد، معلومات عن عطارد، سطح عطارد، حرارة عطارد، غلاف عطارد الجوي، نواة عطارد، الفوهات على عطارد، بيبي كولومبو، ميسنجر، مارينر 10، عطارد ودرجة الحرارة، المجال المغناطيسي لعطارد، عطارد والأرض، الماء على عطارد، الجليد في عطارد، تكوين عطارد، تاريخ عطارد الجيولوجي، عطارد والكواكب الصخرية.
المصادر
-
NASA – Mercury Overview: https://solarsystem.nasa.gov/planets/mercury/overview/
-
ESA – BepiColombo Mission
-
"MESSENGER Mission Science Results", Science Magazine
-
JAXA Mercury Research Center
-
Harvard University Astrophysics Department